افتحى قلبك الحزين

 سنة 1943

أطفِئى هذه الشموعَ وهيا

نَرقُبَ النَجمَ حين تخبو الشموعُ

وتعالى إلىّ فى ظُلمةِ الحزنِ

فللحزن فى الظلامِ شُيوعُ

***

لا تنوحى إذا الظلامُ كسانا

قَبَسُ العُمرِ أطفأته الدموعُ

واطرَحى هذه الزهورَ على الأرضِ

فللأرضِ بالزهورِ ولوعُ

***

ودعيها تَهوى على مفرقِ الأرضِ

وتذوى كما يموتُ الصريعُ

ذَبُلتْ زهرةُ الشباب فلا طيرٌ

نَعاها.. ولا بكاها ربيعُ

***

لفَّها الصَمتُ فى حناياه لولا

هَمسةُ عِنْد مَسَمَعَّى تذيعُ

هَمسَةُ لاتزالُ تَّقُطر فى روحىِ

نحيباً -عليه تحنو الضلوعُ

***

إيه يا أُختُ.. حدثينى عن الأمس

فقد ضاعَ فى الدياجير أمسى

***

وقَفَتْ دَورةُ الزمانِ على يومى

وأخْفَى الزَمانُ أشواق نفسى

***

وأمانِىَّ ما تزالُ حبيساتٍ

تَصُبُ الأسى رحيقاً بكأسى

والشبابُ الحبيسُ يقُتُله الصَمتُ

وما زالَ فى إسار وحَبس

***

نثرتْ نفِسىَّ الظَلامَ على الكونِ

فتاهتْ فى ظُلمةِ الكون نفسى

***

إن يكن أمسُكِ الذى ضَاعَ فى الماضى

حَبيساً فى هذه العَبراتِ

فاسكبيها وأطلِقى ثورةَ اليأسِ

لهيباً فى هذه الزفرات

***

وافتحى قلبك الحزين لنجواى

وقُدّى سلاسلَ الذكريات

يَخفُتُ الحُزنُ فى القلوبِ ويَمضى

كلُّ حَىّ على طريق الحياة

***

وتجِفُّ الدموعُ فى مُقلَةِ الثكلى

ويأسو الزمان جُرح النعاة

غير أن الذى فَقدناه ما زالَ

مُضاعاً فى لُجّةِ الظُلمات

***

ويجئ الغد الذى نحن نخشاهُ

ويمضى وماله من رُفاةِ

غير دَمعٍ يذوبُ من لَهفَةِ الروح

على ما مَضى.. وما هو آتِ

***

إيه يا أخت لا تملِّى من الشكوى

ولا تحبِسى من الدمعِ شيئاً

واعِبسى للحياةِ ما عَبسَ العيشُ

ورُدّى العبوسَ لَحناً قويا

***

واهِتفى عِندَ مَسمعِىّ فقد غابَ

نداءُ الحياةِ عن مَسمعيا

رُبما أرعدَ الزمان ودَوَّتْ

فى أعاصيرها الليالى دويَّا

***

وابعثى صَيحةً بها قَبَعَ اليأسُ

وماتَ الرجاءُ فى المهَدِ حَيّا

رُبَما أشعَلَتْ حريقاً تلَظىّ

فى ضميرِ الظلامِ يطويه طياّ

***

أنت ظمأى إلى الحنان.. فعُبىّ

ثُم رَوّيه لليالى رَوّيا

أنت ظمأى فهاك كأسُ حَنانى

فهى مَوهوبةٌ لمن شاء رِيا

***

تلكَ أحزاننا.. فهلْ ينجلى الليلُ

ويأتى الضياء صُبحاً جَلّيا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق