البطل الشهيد

 جريدة الأهرام 2004/11/18

فى وداع

أبى عمار


هو الحُزنُ حتى ليسَ للحُزنِ آخِرُ

وحتى جميعُ الناسِ باكٍ وحائرُ

خليلَىّ طُوفا بالمدائنِ وابكيا

فَقدْ نالها سهمُ من الدَهرِ غادِرُ

وقد غَرُبَتْ شمسُ المعَالى وأظلَمتْ

وقد عَشيَتْ أبصارُنا والنواظِر

عَليكَ أبا عمارَ تَهمىِ مَدامِعى

ومثلُكَ من فاضَتْ عليه المحاجِر

دموعاً حِراراً وابلاً بعد وابلِ

وما خَلْفَها إلا الهوى والمشاعرِ

فقد كُنتَ سَيفاً لا يُفَلُّ وسَيّداً

حَصوراً تحامَتْهُ الأسودُ الكواسر

وقد كنتَ دِرْعاً مقْدسيّاً تَصَدَّعَتْ

عليه العَوالى والسيوفُ البواتر

وقد كنتَ طَوداً لم تُزَعْزِهُ نَكبةُ

ولا هَزَّهُ عصفُ من الريحِ جائر

وقد كنتَ صَرحاً للمكارمِ والعُلا

دَعائمهُ أمجادُهُ والمآثر

وكُنا إذا جئناكَ فى اى مِحنَةٍ

تُطالعنا منك المنى والبشائر

هَشوشاً بَشوشاً باسمَ الثَغرِ واثِقاً

كأنّ بكفيكَ النجومُ الزواهر

***

عليك بكى شَعبُ الكِنانةِ كُلُّهُ

فما بينَه إلا حَزينُ وثائر

وحولَكَ تبكى أُمَّهُ شَفَّها الضَنى

ودارتْ عليها بالشقاءِ الدوائر

وتبكى فلسطينُ الأبيُّه، شِيبهُا،

وشُبَّانُها، والماجداتُ الحرائر

وتبكى عليك الأرضُ، والرملُ، والحَصى،

وجَنَّاتُها الخُضْرُ المِلاحُ النواضِر

وتبكى عليك الغِيدُ، والبيدُ، والقَنا،

وتبكى عليك الصافناتُ الضوامر

بَكيْنَ أباً أعطى الشهامةَ حَقَّها

تنوحً المعالى بَعدهُ والمفَاخِرُ

***

فيا أيها الشيخُ الشهيدُ تحيةً

يُردِدّها من جانب النيلِ شاعر

عليك سلام الله ما لاحَ بارقُ

وما ناحَ قِمْرِىُّ، وما رَنَّ طائر

وما غمرتْنا من فلسطينَ نَفحةُ

تهيمُ بها أرواحُنا والضمائر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق